نافذة حرة لحوار حر
مؤسسات أهلية لإدارة الحج

مؤسسات أهلية لإدارة الحج

في كل عام تبرز قضية الحج والتوظيف السياسي لقضية الحرمين، ويتم تداول القضية من أطراف مختلفة وبأشكال مختلفة، فالسلطات السعودية الفاعل الأكبر في القضية لا تزال توظف الحرمين والديار المقدسة لمصالح السلطة السياسية، وتمنع من الحج أو العمرة والزيارة من يخالفها سياسيًّا، أو يعارضها، أو يختلف معها، وتمنح فيز الحج وفق حسابات سياسية، بل وتعتقل حجاجًا وزوارًا ومعتمرين في توظيف للأماكن المقدسة كمصيدة لمن ترغب اعتقالهم، بل قد ترحل بعضهم لدول يتعرضون فيها للقتل، أو السجن، أو التعذيب، وفوق كل هذا فهي تستثمر الحج اقتصاديًّا بشكل فجّ، حيث تقوم بتأجير أراضٍ وقْفِيَّة على حملات الحج ليدفعوا مقابل مبيتهم بمنى أو مزدلفة مثلًا، وتسمي ضيوف الرحمن بضيوف خادم الحرمين، وهكذا في إسراف في التوظيف للأماكن المقدسة.

وفي الجانب الآخر، يطالب عدد من الدول بتدويل الحرمين والأماكن المقدسة، وجعل رعايتها بأيدي دول متعددة، أو بتداول إدارتها، ومع صعوبة، أو ربما استحالة تطبيق ذلك من ناحية عملية، إلا أنه قد يجعل المقدسات كغلة قابلة للاستخدام يتداول عليها الساسة وقادة البلدان الذين في غالبهم ليسوا محل ثقة؛ مما يجعل هذا المقترح محل رفض لكثير من المسلمين.

لذلك فإننا نرى أن الحل يكمن في نقل رعاية الحرمين والأماكن المقدسة إلى مؤسسات مجتمع أهلية، وحيث كانت في السابق تسير بنحو مقارب لهذا، فعلى سبيل المثال كان أهل مكة -حتى قبل الإسلام- يتقاسمون أعمال رعاية الحرم المكي واستقبال ضيوفه، وكانوا يتنافسون في إكرام الضيوف، وبالتأكيد فإن الحج والعمرة والزيارة كانت روافدَ اقتصادية لمكة وأهلها، إلا أنه بعد تزايد نفوذ السلطات الحاكمة، وزيادة تحكم السلطة السياسية في الشأن العام أصبح الحَرَمان والأماكن المقدسة تحت نفوذ الحاكم السياسي، وفي كثير من الأحيان كان الساسة يوظفونها لمصالحهم، ويستخدمونها بدل أن يخدموها.

ونرى أن يتم نقل ذلك -بشكل تدريجي منطقي- لمؤسسات أهلية غير ربحية، ففي البداية يجب أن تسمح السلطات السعودية بتأسيس جمعيات أهلية، وتسنّ نظامًا للجمعيات يسمح لها بالعمل ولا يتحكم بها ويتدخل في قراراتها، ويتم -من قبل المجتمع الأهلي- تسجيل جمعيات ومؤسسات مدنية غير ربحية تتخصص في شؤون الحج والعمرة وزيارة الأماكن المقدسة، ولها أنظمة واضحة وحوكمة داخلية متينة، وفيها مجالس إدارية واستشارية وتنفيذية، ومجالس إفتاء، وتستعين بخبراء متخصصين في مجالات عملها، ويسمح لهم بالمساهمة في مجالسها ولجانها، ويتم تمويلها من عوائد الحج والعمرة والزيارة حتى نبعد أي نفوذ سياسي عنها وعن مسؤوليها، وتشرف السلطة السعودية في البداية -بحكم الاختصاص المكاني- على أنظمة تلك الجمعيات، بالقدر الذي يضمن استقامتها، ولا يسمح للسلطات للتدخل المباشر في قراراتها وأعمالها، وتبدأ السلطات بنقل مهامّ الحج والعمرة لتلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية تدريجيًّا، وفق خطة واضحة وشفافة تضمن إمكانية النقل دون حدوث خلل يؤثر سلبًا على الحجاج والمعتمرين والزوار، ويضمن استقرار وقوة الجمعيات التي ستتولى المهام، من تفويج، وإسكان، وسقاية، وتنقل، ثم في مراحل أخرى ربما الإعمار، والتوسعة، والبناء، وغيرها، مع بقاء دور السلطات في إدارة وتنظيم القضايا المتداخلة مثل: الإشراف على المطارات، والمنافذ الحدودية، مع ضمان ألا يكون دور السلطة معطلًا لدور الجمعيات أو مُسَيّسًا للحج والعمرة، وأن يكون للجمعيات دور إشرافي على دور السلطات في تلك القضايا المتداخلة، حيث يضمن لكل حاج أو معتمر أو زائر حقوقه وأمنه، وتضمن إدارة عادلة وناجحة للأوقاف وريعها، ويضمن إبعاد المشاعر المقدسة عن كل توظيف، أو استغلال سياسي، أو فساد مادي، ويضمن مشاركة المجتمع الأهلي في إدارة تلك المشاعر والرقابة عليها، وإدارة ريعها بشكل شفاف ونزيه وتشاركي.
 

التوقيعات ( 13 توقيع )

  1. د.عبدالله العودة
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  2. عبدالله الجريوي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  3. يحيى عسيري
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  4. نيبال علي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  5. نبهان الحنشي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  6. عبدالله عمر
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  7. د. سعيد بن ناصر الغامدي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  8. راشد بن مساعد
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  9. علي الحمادي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  10. فهد الغويدي
    تاريخ التوقيع: 08-07-2022
  11. فهمي شهابي
    تاريخ التوقيع: 09-07-2022
  12. ناصر العربي
    تاريخ التوقيع: 10-07-2022
  13. هادي بن عامر
    تاريخ التوقيع: 11-07-2022

أضف توقيعك